فاطمة بني أحمد
لا تزال منصة فيسبوك، ورغم التحديات الأخيرة التي واجهتها، هي المنصة الأكثر استخداماً في العالم عام 2023، بناءً على آخر تحديث لشهر نيسان/أبريل 2023، بحسب موقع Data Portal، بأكثر من ملياري مستخدم نشط شهرياً، تليها يوتيوب ثم واتساب.
وبحسب التقرير ذاته، تأتي حاجة البيع والشراء كخامس وسادس حاجة، تدفع المستخدمين للتواصل عبر منصات التواصل الاجتماعية، التي تؤدي دوراً مهماً اليوم في هذا الإطار، وتأتي حاجة البقاء على تواصل مع المعارف والمتابعين، كأول غاية للمستخدمين.
تستغل عدة جهات هذه الحاجات للمستخدمين من خلال استخدام الاسم أو الصورة أو عناصر تعريف أخرى لشخص أو شركة أو مؤسسة على حسابات تنشؤها على مواقع التواصل الاجتماعي لأغراض احتيالية أو لتضليل الرأي العام، ويختلف انتحال الهوية على وسائل التواصل الاجتماعي عن الاستخدامات المشروعة الأخرى لعلامة تجارية أو شخص ، مثل حسابات المعجبين والمحاكاة الساخرة أو النقد.
يستعرض هذا المقال أساليب يمكن لمدققي/ ات المعلومات والصحفيين/ ات الاستفادة منها؛ للكشف عن صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، التي تنتحل هويات شخصيات عامة أو مؤسسات، لأغراض معينة، أهمها القرصنة والاحتيال، خلال عمليات البيع والشراء، ونشر المعلومات المضللة.
العلامة الزرقاء… أمان أم شك؟
لم تعد العلامة الزرقاء التي أضحت تظهر بألوان أخرى على تويتر، كعلامة فارقة لمدققي/ ات المعلومات أو الصحفيين/ ات لمصداقية الحسابات، سواء على تويتر أو فيسبوك أو إنستغرام.
من أبرز الحوادث، التي أثارت استغراب رواد موقع الفيسبوك، هي حادثة انتحال هوية “إيلون ماسك”، بوجود حساب موثق له على المنصة بالعلامة الزرقاء، مع أنه قد أكد عام 2018 أنه لا يمتلك حساباً ولا يخطط لإنشاء حساب على فيسبوك.
استغلت عدة صفحات على فيسبوك اسم إيلون ماسك، وعلاماته التجارية؛ لخداع مستخدمي سيارات تسلا، مثل إيهامهم بالدخول لمواقع اصطيادية لسرقة أموالهم. قام “مات نوفاك”، المراسل التقني ومؤسس موقع Paleofuture.com، من خلال هذا المقال على موقع فوربس، برصد 25 صفحة تواصل اجتماعي، أو موقعاً انتحالياً متعلقاً بـ إيلون ماسك، وعلاماته التجارية؛ ما أدى إلى عمليات احتيالية بملايين الدولارات
ومع سياسة الدفع، التي فُرضت مقابل الحصول على علامة توثيق الحسابات على تويتر، لم تعد العلامات مصدر ثقة، كما في السابق، وذلك بعد استحواذ الملياردير إيلون ماسك على المنصة، وذلك حسب تعبير ماسك بسبب المخاوف من موجة الحسابات المزيفة، التي تجتاح المنصة.
كيف نقيس مصداقية الصفحات؟
لعل أكثر الطرق فعالية لكشف الزيف، هي خيار شفافية الصفحة، الذي توفره منصة فيسبوك، ومن خلاله كُشفت حقيقة بعض الصفحات الموثقة على فيسبوك، مثل صفحة إيلون ماسك الاحتيالية، التي أُنشئت عام 2019 ووثقها فيسبوك عام 2021:
شهد عام 2023 حوادث انتحالية لعدة شخصيات عامة وسياسية، مثل انتحال حسابات سياسيين في حرب السودان الأخيرة، وانتحال حسابات لاعبين، رغم توثيقها على فيسبوك، لكن تبين أنها انتحالية، من خلال البحث في خيار شفافية الصفحة.
كما رصدت منصة تحقق من فلسطين حساباً انتحالياً، لمجموعة المقاومين الفلسطينيين “عرين الأسود” بهدف إثارة النعرات في أحداث الضفة الغربية، في شهر نيسان/أبريل 2023، وكُشف انتحال الحساب من خلال خيار شفافية الصفحة كذلك.
بحسب شركة ميتا، فإن هذا الخيار يوفر العديد من المعلومات التي تساعد المدققين/ ات والصحفيين/ ات على كشف الصفحات المُنتحلة مثل: تغيّرات اسم الصفحة وتاريخ إنشائها، من أي بلد تدار الصفحة، وعدد الأشخاص الذين يديرونها، والنشاط التجاري أو المؤسسة المؤكَّدة، التي تطالب بملكية الصفحة، أو إذا كانت الصفحة تنتمي إلى مؤسسة إعلامية خاضعة لسيطرة الدولة.
تؤكد ميتا أيضاً أنه لا يمكن لأي صفحة إزالة هذا القسم بالكامل أبداً، ولكن يمكن إزالة بعض الأجزاء منه، وتشير في الوقت نفسه إلى أنه إذا رغب صاحب الصفحة في تمويل إعلانات حول قضايا سياسية واجتماعية، لا بد من الإفصاح عن ملّاك الصفحة في هذا القسم، ولا يمكن إخفاء هذه المعلومات، ويتوفر هذا الخيار على إنستغرام كذلك، ولكن بميزات أقل من فيسبوك.
عام 2022، اُنتحل حساب أميرة سعودية على تويتر، ووُثق الحساب بالعلامة الزرقاء، رغم أنه زائف، وكان الهدف هو الاحتيال من خلال الادعاء بتقديم مساعدات مالية.
على تويتر يتوفر ضمن المعلومات التعريفية، تاريخ إنشاء الصفحة، وفي الفترة الأخيرة، أُوقفت العديد من الأدوات التي تحلل الحسابات على المنصة؛ بسبب السياسات التي فرضها ماسك، ولكن ما يزال إلى الآن بإمكان مدققي/ ات المعلومات والصحفيين/ ات عبر خيار Twitter SNA، عبر أداة InVID، تحليل الحسابات، وفهم طبيعة نشاطاتها.
يمكن لمدققي/ ات المعلومات في المنطقة العربية ، استخدام أداة InVID باللغة العربية التي أطلقت مؤخرًا، ولتحليل حسابات تويتر العامة، بعد إنشاء حساب على الأداة، فلقد عمل على تطوير النسخة العربية فريق الشبكة العربية لمدققي المعلومات، بالتعاون مع فريق فرانس برس.
هناك العديد من الأدوات أيضاً، التي تساعدنا على فهم وتحليل الصفحة على مختلف المنصات؛ إذ يساعدنا التدقيق في الوسوم -التي تستعملها الحسابات على تويتر، والأشخاص الذين يعيدون التغريد للحساب، والقوائم التي يتبعها الحساب، والموقع الجغرافي له وزيادة عدد المتابعين- في التحقق من كون هذه الحسابات حقيقية أم انتحالية.
تعد المواقع التالية، من أفضل المواقع التي تساعدنا في تحليل حسابات تويتر، ومنصات التواصل الاجتماعية الأخرى:
- Account Analysis (لتحليل حسابات تويتر)
- Tinfoleak (لتحليل حسابات تويتر)
- Social Blade (لتحليل حسابات تويتر، إنستغرام ويوتيوب)
تمعّن في رابط الصفحة
لا بد من الانتباه لهذه التفصيلة، رغم أنها بسيطة إلا أنها مهمة جداً، فمعظم الجهات الرسمية، تميل لتغيير الـ URL الخاص بالصفحة باختصار اسم المؤسسة فيه، ولا يكون أرقاماً في معظم الحالات.
رصد فريق AFCN صفحات انتحالية تدعي أنها صفحات رسمية لشركة البوتاس في الأردن، وتنشر وظائف وهمية، وعند المقارنة بين رابط الحساب الرسمي بالصفحة، والحسابات الوهمية، يتبين من خلال النظر للرابط فقط، أي صفحة هي الرسمية.
من المهم التحقق كذلك من الأخطاء الإملائية للصفحة، فغالباً ما تكون الصفحات الوهمية تكتب بشكل خاطئ، مثل “شركه البوتاس الاردنيه” بدل “شركة البوتاس الأردنية”، تعد هذه العلامة مصدر شك أساسي، إن وجدت في الصفحات، ومن المهم كذلك التدقيق في لوغو الصفحات وأنه يطابق اللوغو الرسمي للجهة الممثلة.
تأكد من خلال الرجوع للمواقع الرسمية للمؤسسات أو الشخصيات العامة
إن كانت الصفحة تدعي أنها تعود لمؤسسة رسمية أو جهة عامة، لا بد من العودة للمواقع الرسمية لهذه الجهة، والتأكد من أن الروابط التي على مواقعها لمنصات التواصل الاجتماعية تتطابق مع تلك المنشورة والمستخدمة.
خيار مكتبة الإعلانات في صفحات الفيسبوك
توفر منصة فيسبوك معرفة إنفاق الإعلانات للصفحات، إن كانت تتعلق بمواضيع سياسية أو اجتماعية، في خيار شفافية الصفحة، وما هو حجم الجمهور المستهدف من الإعلان، وحتى حجم الوصول للإعلان؛ إذ يمكن لذلك أن يعطي انطباعاً جيداً عن الصفحة، وإلى ماذا ترمي، وكذلك يمكن معرفة الصفحات المدمجة مع هذه الصفحة.
يمكن لأي مستخدم كذلك اختيار بلد محدد، ومعرفة أعلى الصفحات إنفاقاً على الإعلانات في منصة فيسبوك، وكذلك على انستغرام إن كان الحساب مربوطاً بمنصة إنستغرام، من خلال صفحة مكتبة الإعلانات التي توفر هذه البيانات.
ابحث عن حسابات أخرى واستفسر إن لزم الأمر!
من أسهل الطرق لتمييز الصفحات الاحتيالية من الأصلية، هي البحث عن اسم الصفحة والمقارنة، واختيار الصفحة التي تمثل الجهة بطريقة أفضل وأكثر احترافية، أو الصفحة التي تملك متابعين أكثر أو الصفحة الأقدم.
لا تكون هذه الطريقة قاطعة أبداً بالحكم، ولكنّها تساعد عند إدراج الجهة الأصلية، حساباتها الأخرى الموثقة كافة في الجهة التعريفية.
في حال وصل المدقق/ ة أو الصحفي/ ة إلى طريق مسدود، من المهم التواصل مع الجهة المعنية، والاستفسار منها عن حساباتها الرسمية على مواقع التواصل الاجتماعي.