Skip to content

هل الإنفاق وفق القاعدة الأثنيّ عشريّة بعد انتهاء شهر شباط دستوري؟

[:ar]

فرح منصور 

نشر عضو المجلس الاقتصادي والاجتماعي المحامي صادق علوية في 23 شباط 2022 عبر حسابه على تويتر مقطع فيديو من اجتماع المجلس الاقتصادي الاجتماعي يقول في سياقه إنّ الدولة تنفق من مالية الدولة من أول شهر شباط دون سند قانوني.

وقد ظهر في الفيديو ردّ النائب ابراهيم كنعان المرشح المتوقع للانتخابات النيابية في قضاء المتن على علوية بالقول: “لهذا السبب عملنا القاعدة الإثنيّ عشرية“. ما يفهم من رده بأن الدولة تنفق على اساس القاعدة الاثنيّ عشرية ويلمح بذلك إلى شرعية اعتمادها في الإنفاق من مالية الدولة دون إقرار موازنة عامة بعد انتهاء شهر كانون الثاني.

(الفيديو)

https://twitter.com/Sadekalawieh/status/1496543950475255810

فهل الإنفاق وفق القاعدة الاثنيّ عشريّة بعد انتهاء شهر شباط دستوري؟

تفيد المادة 86 من الدستور اللبناني أنّه في حال عدم بت مجلس النواب نهائيا في شأن مشروع الموازنة قبل انتهاء عقده، فرئيس الجمهورية بالاتفاق مع رئيس الحكومة يدعو المجلس فوراً لعقد استثنائي يستمر لغاية نهاية كانون الثاني لمتابعة درس الموازنة ويكون للحكومة عندها اعتماد القاعدة الاثني عشرية في مدة العقد الاستثنائي اي شهر كانون الثاني من السنة الجديدة حيث تؤخذ ميزانية السنة السابقة اساسا للانفاق.

بالرغم من ان هذه القاعدة تعتبر تدبيرا استثنائيا بانتظار إقرار الموازنة، وإذا تعذر إقرار الموازنة في المواعيد الدستورية، ولكن الاستثناء تحوّل إلى قاعدة وتم إستعمالها لفترة طويلة منذ العام 2005 حتى العام 2016.

 أكد المحامي وسيم الصايغ أنّ استعمال هذا التدبير الاستثنائي لا يجب أن يتخطى السنة الحسابية، بعكس ما تقوم به السلطة في لبنان، التي تلجأ الى هذا التدبير لفترة تتعدّى السنة، الأمر الذي يشكّل مخالفة دستورية مع حق مجلس النواب بالطعن أمام المجلس الدستوري.

ويشرح الخبير في مواد الموازنة في جامعة الحكمة الدكتور وسيم أبو أسعد إنّ هناك اختلاف بين ما هو قانوني وما هو دستوري، فالقاعدة الاثنيّ عشرية تعد قانونية بسبب تشريع مجلس النواب لها مع عدم وجود أي قاعدة بديلة في ظل عدم إقرار الموازنة.

أما دستوريا، تحدّد المادة 86 فترة استعمال هذا التدبير(الإنفاق على القاعدة الإثني عشريّة) بعقد استثنائي يستمرّ حتى نهاية شهر كانون الثاني، أي أن ما يحصل اليوم غير دستوري

وتنص المادة نفسها أنّه وفي حال انقضاء العقد الاستثنائي دون بت مجلس النواب بمشروع الموازنة، فعلى مجلس الوزراء أن يتخذ قرارا يصدر بناء عليه عن رئيس الجمهورية مرسوم يجعل بموجبه مشروع الموازنة المقدّم إلى مجلس النواب مرعيا ومعمولا به.

في هذا الإطار، يرى أبو أسعد أنه وبسبب استعمال هذه القاعدة لفترات طويلة، اعتبرها المسؤولون قانونية، إنما لهذا الأمر أثر مالي واقتصادي كبير وليس فقط مخالفة دستورية، إذ لا يمكن الأخذ بموازنات سابقة فمنذ آب/أغسطس 2019، بدأ عدم الاستقرار في سعر صرف الليرة اللبنانية، عندما كان سعر الصرف ثابتاً عند 1507 ليرة مقابل الدولار الواحد، واعتمادها في عام 2022 بعد أن وصل سعر الصرف الى أكثر من 20 ألف ليرة للدولار الواحد.

وقد أشار الخبير الدستوري ورئيس المجلس الدستوري الأسبق عصام سليمان أنّ النص الدستوري واضح بشأن المدة الزمنية للقاعدة الاستثنائية وعلى مجلس النواب الحفاظ على تسيير مرافق الدولة والإنتظام العام وهو ما يتطلب إقرار الموازنة قبل شهر كانون الثاني. ولكن حتى اليوم لم تقر الموازنة.

وكان قد أصدر المجلس الدستوري  قراراً في العام 2018 ألغى بموجبه  سبع مواد من قانون الموازنة، وأكد نصا “وبما أن عدم تقيد السلطتين الإجرائية والإشتراعية بالمهل الدستورية المذكورة أعلاه أدى الى انتهاك الدستور وعدم انتظام المالية العامة، والى التمادي في الإنفاق على أساس القاعدة الاثني عشرية خلافا لما نص عليه الدستور في المادة 86″.

 إذاً فإن الإنفاق على القاعدة الاثنيّ عشرية بعد شهر كانون الثاني غير دستوري، وبالتالي فإن رد النائب كنعان على ان الدولة تصرف وفق القاعدة الإثنى عشرية واعتمادها بعد شهر كانون الثاني هو غير صحيح لناحية دستورية الصرف.  

 

أنجز هذا التقرير بإشراف ودعم الشبكة العربية لمدققي المعلومات (AFCN) من أريج وبالتعاون مع فرح منصور وبإشراف من مؤسسة مهارات، ضمن مشروع “صح” من برنامج “قريب” الذي تدعمه الوكالة الفرنسيّة للتنمية الإعلامية (CFI) بتمويل من الوكالة الفرنسيّة للتنمية (AFD).[:]