Skip to content

تدقيق المعلومات حائط صد ضد حملات التضليل الإسرائيلية

[:ar]

أنس حواري – تيقن

لطالما كان توظيف الأكاذيب ونشر الأخبار المغلوطة والمعلومات المضللة جزءاً أساسيا من الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، إذ استخدمته القوات الإسرائيلية دائما وبصورة ممنهجة في حربها ضد الفلسطينيين عبر بث روايات تزييف الوقائع والأحداث التاريخية منها واليومية وحتى نسب الكثير من التقاليد التراثية والثقافية الفلسطينية لهم . 

من هنا بات “تدقيق المعلومات” ممارسة أساسية لمقاومة الاحتلال أولا ورفع مستوى الوعي السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي لدى الجمهور الفلسطيني. وباتت مهمة “تدقيق المعلومات” تطلب المزيد من الجهد والتركيز  الكشف نقاط الزيف والتضليل، ورصد و توثيق  هذه الحالات لتكون دليلًا قاطعًا على ما ينتهجه الاحتلال من حملات ضد الفلسطينيين.

غالبا ما يمارس الاحتلال التضليل عبر وسائله الإعلامية التابعة له مباشرة مثل القنوات الحكومية والتحكم بالإعلام الخاص بما يعرف بـ “الرقابة العسكرية”، كما يستخدم أيضاً وسائل التواصل الاجتماعي لبث التضليل إما بحسابات تابعة لسياسيين إسرائيليين أو حسابات لمستوطنين إسرائيليين، لتحقيق مجموعة من الأهداف مثل: 

 محاولة خداع العالم بخصوص الأحداث الميدانية الآنية، وذلك باستخدام وسائل مباشرة في التضليل كما فعل في الحرب على غزة في آيار/ مايو 2021، حين نشر المتحدث باسم رئيس الوزراء الإسرائيلي للإعلام العربي “أوفير جندلمان” فيديو يزعم أنه لإطلاق الصواريخ من الأحياء السكنية في قطاع غزة، لكن ببحث عكسي بالفيديو أجرته منصة “تيقن” تبين أن المقطع متداول قبل سنوات من الحرب وانتشر في مواقع سورية على أنه من الأحداث الميدانية هناك.

في آيار/ مايو أيضًا، نشر زعيم حزب “يمينا” الإسرائيلي المتشدد والذي أصبح لاحقًا رئيس وزراء الاحتلال “نفتالي بينيت”، فيديو موجه لأجانب زعم فيه أن حماس تستخدم الأماكن المدنية لتخزين الأسلحة منها مستشفى الشفاء مستخدمًا صورة ادعى بأنها للمستشفى ليتبين لتيقن أن الصورة لمستشفى الشفاء في باكستان وليس الذي في غزة، وبتاريخ 10 أغسطس 2021 نشر جيش الاحتلال صورةً زعم أنها لسكين ضُبطت مع فتاة فلسطينية حاولت بها تنفيذ عملية طعن قرب مستوطنة “يتسهار” لكن بالبحث العكسي الذي أجرته تيقن عن الصورة تبين أنها منشورة على الإنترنت منذ سنوات.

يلجأ الإسرائيليون أيضا إلى  التزييف الجزئي للمعلومات، “فجندلمان” ذاته عاد مجددًا في مايو/آيار 2021 وقال في تغريدة إنّ يحيى السنوار اعترف في مقابلة أجرتها معه قناة (Vice News) أن حماس أطلقت “عمدًا” صواريخ على مدنيين إسرائيليين وبذلك اعترف أمام أعين العالم أجمع بأن “تنظيمه الإرهابي” ارتكب جرائم حرب، ولكن حين استمعت تيقن للمقابلة تبين أنه لم يقل فيها إن حماس تُطلق الصواريخ “عمدًا” على “المدنيين”، وإنما قال إن “إسرائيل تمتلك أدق الأسلحة وتقتل أطفالنا ونسائنا عن عمدٍ وقصد، لا يمكن أن تقارن بمن أراد المقاومـة والدفاع عن حقه بأسلحة بسيطة”، وأكمل بالقول “نحن لو كان لدينا القدرة أن نضرب صواريخ دقيقة وموجهة تصل لأهداف عسكرية لما ضربنا هذه الصواريخ”.­

كما يستهدفون الفلسطينيين أنفسهم، ففي الحرب على غزة 2021 نشر “الميجر جنرال غسان عليان” الذي يشغل منصب منسق الحكومة الإسرائيلية في الضفة وغزة -وهي وحدة تابعة لوزارة جيش الاحتلال- خبرًا جاء فيه أن أضرارًا لحقت بمستشفى عمر القاسم في قرية تُدعى “عزون” قضاء مدينة قلقيلية بالضفة الغربية إثر قصف المقاومة للأراضي الإسرائيلية مع صورٍ مرفقة تم الإدعاء أنها للمستشفى بعد استهدافه، لكن هو ما نفته وزارة الصحة الفلسطينية واعتبرته محاولة لتضليل الرأي العام العالمي ونفاه أيضًا شهود عيان من داخل القرية نفسها.

من هنا تبرز الحاجة لتكريس جهود أكبر لتدقيق المعلومات التي ينشرها الاحتلال والسعي لإيصالها لجمهور أوسع ودولي. ، فالجهد الحالي يتمثل بكشف المعلومات المضللة التي ينشرها الاحتلال وتفنيدها وتوجيهها لجمهور فلسطيني ما يجعل التأثير مقتصر على الفلسطينيين من خلال كشف التضليل وتحذيرهم من الوقوع فيه. يحتاج تحقيق ذلك إلى تضافر جهود مدققي المعلومات وتبادل الخبرات وربما القيام بنوع من توزيع المهام بينهم ليتمكنوا من الرصد والتدقيق بشكل فعال وواسع يضمن وصول الرواية الحقيقية للجمهور المحلي والعالمي. 

ولعل أ الانسحاب الإسرائيلي من منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة “اليونسكو” نهاية 2018 خير دليل على الدور المؤثر لتدقيق المعلومات في دعم القضية الفلسطينية وعجز الاحتلال عن فرض أكاذبيه في حال وجود من يتصدى لها.

أنجز هذا المقال بدعم وإشراف الشبكة العربية لمدققي المعلومات ِ(AFCN) من أريج وبالتعاون مع منصة “تيقن/فلسطين”، ضمن مشروع “صح” من برنامج “قريب”، الذي تنفذه الوكالة الفرنسيّة للتنمية الإعلاميّة (CFI) بتمويل من الوكالة الفرنسيّة للتنميّة (AFD).[:]