Skip to content

أوهام علمية على صفحات أردنية

[:ar]

فاطمة بني أحمد

تدعي بعض الصفحات الأردنية تخصصها في نقل المحتوى العلمي، إلا أنها تقع في فخ نشر معلومات غير دقيقة ومضللة، تمس سلامة وصحة المتابعين لتلك الصفحات، نعرض في هذا التقرير نماذج من هذه الإدعاءات.

 تشتهر بعض صفحات الأطباء على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، وتحصد مئات الآلاف من المتابعين، ومن ضمن هذه الصفحات صفحة طبيب أطفال تدعي   في أحدث منشورتها أن حليب الأم لا يحتوي على الحديد إطلاقا، بناءً على تحاليل لم يتم ذكر مصدر نشرها.

 وارفقت الصفحة التي يتابعها ما يزيد عن 200 ألف مستخدم، الإدعاء بمعلومات صحية حول الرضع، مما قد يضعف ثقة بعض الأمهات بالرضاعة الطبيعية.

ونشرت الصفحة ذاتها نفس الإدعاء في عامي 2021 و2020.

الحقيقة أن حليب الأم يحتوي على الحديد بكميات قليلة (0.4 ملي جرام/لتر) حسب المكتبة الوطنية للطب، والرضيع قادر على هضم الحديد وقد يتم منحه مواد مدعمة بالحديد قبل الـ6 أشهر، وعند الولادة يحتوي جسم الرضيع الصحي على مخزون من الحديد يكفيه من 4-6 أشهر، ويوصي مركز مكافحة الأمراض الأمريكي CDC بإعطاء الحديد للرضيع بعد عمر الـ6 أشهر، والتحدث مع مقدم الرعاية الصحية إذا كان هناك حاجة لإعطاءه الحديد قبل إكمال 6 أشهر أيضًا.

وتوصي منظمة الصحة العالمية بالرضاعة الطبيعية وتؤكد أنها حق للطفل لما لها من فوائد للرضيع، مثل تحسين عملية نمو الطفل وحمايته من الأمراض المعدية بالأخص المعوية، وتوصي أيضًا الاقتصار على الرضاعة الطبيعية طيلة الأشهر الستة الأولى من عمر الطفل.

وعلى صفحة أخرى  بعنوان “آفاق علمية” تنشر محتوى علمي، ويتابعها ما يزيد عن نصف مليون مستخدم، منشور يدعي قيام جامعة هارفارد بتجربة لمحاولة تبريد كوكبنا والتخفيف من وطأة الاحتباس الحراري، “باعتماد تقنية لـ”تعتيم الشمس” وحجب ضوئها عن الأرض من خلال رش مواد كيميائية في الطبقة الثانية للغلاف الجوي للأرض “الستراتوسفير”، ضمن تجربة واجهت رفضاً من قبل علماء مناخ وبيئيين، اعتبروا العملية تدخلاً في النظام المناخي لا يمكن تكهن عواقبه”.

فما هو المشروع المذكور في المنشور؟

عند الإطلاع على مشروع جامعة هارفارد، وجدنا أن المشروع لا يتعلق بتعتيم الشمس، بل المشروع يدعى “الهندسة الجيولوجية الشمسية“، وهي تقنية تقوم على عكس جزء بسيط من ضوء الشمس إلى الفضاء أو زيادة كمية الإشعاع الشمسي الذي يعود إلى الفضاء، ما يساهم في تبريد الكوكب على حد قولهم، وهي إحدى الحلول المطروحة لمعالجة مخاطر الاحتباس الحراري التي تهدد الحياة على كوكبنا، ويزعم العلماء القائمون على هذا المشروع أن هذا الحل سيخفف من الأضرار فقط، ولن يعالج خطر الاحتباس تمامًا.

وإحدى التقنيات المستخدمة في هذا الحل هو نثر الهباء الجوي -جسيمات عاكسة صغيرة- في طبقة الستراتوسفير في الغلاف الجوي العلوي عن طريق عدة طرق منها بالونات (كالموجود في صورة الادعاء) ، مثل رذاذ الكبريتات أو ربما كربونات الكالسيوم ، في الغلاف الجوي العلوي ، حيث يمكن أن تشتت جزءًا صغيرًا من ضوء الشمس في الفضاء.

وأطلق على هذا المشروع اسم SCoPEx (تجربة الاضطراب المتحكم فيه في الستراتوسفير). وبعد أن كان إطلاقه في عام 2021، تراجعت مؤسسة الفضاء السويدية التي تدير هذه الرحلة عن إجراء التجربة، وأعلنت في تصريح لها في آذار/ مارس 2021 التراجع عن القيام بالتجربة بسبب انقسام المجتمع العلمي، ومخاوف البعض من هذه التجربة، وأكدت على استمرار المناقشات حول حلول الهندسة الجيولوجية.

وأعلنت اللجنة الاستشارية للرحلة تأجيل الدراسات حتى عام 2022 ولكن دون تحديد موعد محدد، وذكر موقع المشروع أن الرحلة الأولى لن تطلق أي شيء في الهواء، ولكنها ستكون رحلة تجريبية لمنصة الإطلاق، ولن يتم إطلاق أي شيء حتى توافق عليه اللجنة الاستشارية للمشروع، على العكس من المنشور الذي أكد أن الرحلة ستكون بهدف نشر مواد كيميائية.

على النهج نفسه سارت صفحة جمعية المهندسين الوراثيين الأردنية، وهي صفحة متخصصة في الأمور الطبية خاصة خلال جائحة كوفيد-19، وبعد إغلاق صفحتها سابقًا،  أنشأت صفحة بديلة لتعاود النشر عليها، وادعت الجمعية قديما إدعاءات لا تستند لمصادر، وتم تكذيبها من قبل وزارة الصحة الأردنية.

شاركت الصفحة في الفترة الأخيرة خبر يتعلق بتطعيم الأطفال ضد كوفيد  19، مدعية أن لقاح فايزر فشل في وقف الإصابات، وأن فاعليته لم تتجاوز حد 12%، مع تسببه في تدمير المناعة والعديد من الأعراض الجانبية.

إلا أن منظمة الصحة العالمية سلامة لقاح فايزر وأن فعاليته ضد كوفيد-19 هي 95%، وذكر موقع فايزر نفسه أن فعالة مطعومه للأطفال للقاح كوفيد-19 ما دون الخمس أعوام هي 80.3% ، أما ادعاء أن مطعوم فايزر انخفضت فعاليته لـ12% فقد ردت على هذا الإدعاء منصة Full Fact البريطانية مؤكدة أن هذا الإدعاء غير دقيق، إذ أن الرقم يستند على دراسة قديمة نشرت عام 2020، وأن فعاليته انخفضت عن 95% بسبب عامل الوقت حيث توصي منظمة الصحة بجرعة ثالثة بعد مرور 4-6 أشهر على أخذ الجرعة الثانية من اللقاح.

أعلن الرئيس الأمريكي في التاسع من حزيران/ يونيو 2022 عن حصول الحكومة على لقاح آمن وفعال للأطفال ما بين 6 شهور إلى ما دون الخمسة أعوام، والتجهيز لعمليات بدأ تطعيمهم بناء على توصيات مركز الوقاية من الأمراض CDC وإدارة الغذاء والدواء الأمريكية FDA، أما عن اللقاحات المتاحة لتطعيم هذه الفئة فهي لقاحات فايزر بالإضافة إلى لقاحات موديرنا، وذكر موقع CDC أن لقاح فايزر الحديث تم إعطاءه الترخيص لكن لم تتم الموافقة عليه بعد لهذه الفئة العمرية، أما عن أعراض اللقاح فالأعراض الخطيرة مثل التهاب عضلة القلب ارتبطت بلقاح mRNA وهي نادرة جدا ورصدت في الفئة العمرية ما بين 12-39 عامًا.

كما أن إدعاء ربط الإصابات بالتهاب الكبد الوبائي عند الأطفال بلقاح كوفيد-19 ردت عليه خدمة تقصي الحقائق في رويترز على أنه خبر مضلل وقد نفته وكالة الأمن الصحي في المملكة المتحدة عند ظهور الحالات بكثرة هناك.

في بداية عام 2022 قامت الـFDA بسحب بعض ماركات الحليب من السوق المحلي وحذرت من استخدامها إذا كان الكود المطبوع عليها يوافق أرقام معينة وتم رصدها في شركة Abbott Nutrition  أما الأخرى فهي Similac و Alimentum و EleCare.

المرض الذي تم التبليغ عنه هو Cronobacter sakazakii، وهو مرض بكتيري معوي نادر الحدوث لكنه خطير ومميت للرضع. ويمكن أن تعيش هذه الجراثيم في الأطعمة الجافة، مثل: حليب الأطفال الجاف.

كما أن  المصدر الذي وضعه كاتب المنشور نقلا عن FDA لا يورد التهاب الكبد الوبائي ضمن أعراض الإصابة بهذا المرض البكتيري.

 وذكر موقع CDC أنه تم إغلاق ملف هذا المرض في شهر نيسان/ أبريل من هذا العام، بسبب عدم تسجيل حالات جديدة حاليًا.

أنجز هذا التقرير ضمن مشروع “صح” للشبكة العربية لمدققي المعلومات (AFCN) من أريج،  كجزء من برنامج “قريب” الذي تنفذه الوكالة الفرنسيّة للتنمية الإعلامية (CFI) وتموله الوكالة الفرنسيّة للتنمية (AFD).

[:]