Skip to content

تدقيق المعلومات.. ورقة رابحة لرفع التوعية في “تغير المناخ”


فاطمة بني أحمد – مدققة معلومات مستقلة 

تذكر منظمة الصحة العالمية أن رفع الوعي وفهم آثار تغير المناخ على الصحة، سيسهل التغيير السلوكي والدعم المجتمعي للإجراءات اللازمة للحد من انبعاث غازات الاحتباس الحراري. وفي إطار مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغيّر المناخ (COP27)، في شرم الشيخ بمصر (6 – 18 تشرين الثاني/ نوفمبر)، يجتمع العديد من الخبراء والجهات المعنية لمناقشة قضية تغير المناخ وابتكار الحلول لها.
حدث بهذا الحجم، قد يكون مناسبة لإطلاق أخبار زائفة وأخرى مضللة، ما يعني بالضرورة إعطاء اهتمام أكبر لدور “مدققي المعلومات” في عمليات التحقق والكشف عن الأخبار الزائفة، ورفع مستوى التوعية البيئية من جانب آخر. نظرية المؤامرة!
باتت مواقع التواصل الاجتماعي بيئة خصبة لانتشار “نظريات المؤامرة” التي تكذب قضية تغير المناخ، وتنكر دور البشر فيها، مع أن وكالة ناسا ذكرت أن 97 في المئة من علماء المناخ يتفقون على أن “البشر يتسببون في الاحتباس الحراري وتغير المناخ”.
أمثلة برزت في الفترة الأخيرة منها، ادعاءات غاز الكميتريل، والادعاء بأن الغطاء الجليدي لا يزال يتمدد في “جرينلاند”، مع أن الحقيقة معكوسة. لذلك يكافح مدققو المعلومات في محاربة هذه الادعاءات المضللة للجمهور والحد من انتشارها، بحسب المركز القومي لبيانات الجليد والثلوج.
تقر اتفاقية باريس الذي تبنته 197 في مؤتمر الأطراف 21 في 12 كانون الأول/ديسمبر 2015، بأن تغير المناخ يمثل تحديًا معقدًا لا يمكن للحكومات وحدها حله. هذا التحدي، كان دافعا لإنشاء منصات مختصة بتدقيق المعلومات المتعلقة بالمناخ بطريقة علمية احترافية، مثل منصة Climate Feedback.
وضعت آثار تغير المناخ صحة ورفاهية المليارات من الناس في خطر متزايد بسبب مساهمتها في أحداث الطقس “المتطرفة”، مثل موجات الحر والجفاف وغيره. تدقيق المعلومات في هذه الأحداث يساعد على التأكد من تداعيات وصحة هذه الظواهر، لاتخاذ القرارات الصحيحة من قبل الأفراد والحكومات. مثلا، خلال حرائق الجزائر عام 2020، سارعت صفحة الحماية المدنية في ولاية قالمة (شمال الجزائر)، إلى تفنيد العديد من الإشاعات حول مكان انتشار الحرائق، لمنع انتشار الذعر بين المواطنين.
في عام 2021 برز على السطح ادعاء يهول من آثار سحابة سامة من غاز ثاني أكسيد الكبريت ستؤثر على دول الشرق الأوسط بسبب انفجار بركان “إتنا” في إيطاليا. العديد من منصات تدقيق المعلومات فندت هذا الادعاء مستعينة بالخبراء. ومع ذلك، اتخذت بعض الدول إجراءات احترازية لمواجهة السحابة المزعومة.
أدوات للتحقق
وفي ظل سطوة مواقع التواصل الاجتماعي، امتد دور مدققي المعلومات لتدقيق عناصر الخبر كافة، بما فيها الصور ومقاطع الفيديو، لما في ذلك من أثر في رفع التوعية عند حصول الكوارث المرتبطة بقضية التغير المناخي، وهي أحداث قد تكون فرصة لنشر التهويل والخوف في المجتمع، مثل: الحرائق، الفيضانات، الجفاف والعواصف.
تصبح هنا الصور متشابهة وتختلط على وسائل الإعلام والجمهور، لذلك يساهم مدققو المعلومات في التحقق من الصور ومقاطع الفيديو، للتأكد من أنها ليست قديمة، والكشف عن مدى ارتباطها بالحدث نفسه، وأنها ليست متصلة بأحداث أخرى مشابهة وقعت في أوقات سابقة، أو أماكن أخرى لا علاقة لها بالحدث المقصود.
وتتم عملية التحقق هذه من خلال أدوات عدة، مثل: استخدام خاصية البحث العكسي في محركات البحث. واستخدام برنامج Google Earth الذي يوفر خدمة الرجوع في الزمن ويفحص بعض صور هذه الكوارث والتأكد منها. وكذلك خدمة Worldview من وكالة ناسا، التي تقدم واجهة تفاعلية لصور الأقمار الصناعية، ومعلومات عن بعض الحوادث البيئية “المتطرفة” عبر الزمن. بالإضافة إلى خدمات يقدمها موقعا Copernicus وWindy لمراقبة الغلاف الجوي.
مشاركة الحقائق.. مفتاح للتوعية
يشير موقع الأمم المتحدة إلى أن “مشاركة الحقائق”، تعتبر من أهم طرق محاربة التغير المناخي ورفع الوعي. وهنا يأتي دور مدققي/ات المعلومات في لعب هذا الدور، عبر مشاركة الحقائق والمعلومات مع الجمهور، من خلال مصادر علمية أولية موثوقة -ليست وسيطة- ترفع التوعية بقضايا التغير المناخي، وتشكل خط دفاع في وجه المعلومات المضللة المتعلقة بها.
ولتحقيق هدف “مشاركة الحقائق” مع الجمهور بصورة أعمق، يستعين العديد من مدققي/ات المعلومات بالخبراء والمختصين في قضايا البيئة والمناخ، ويشكلون حلقة وصل بين المجال العلمي والجمهور غير المختص، عبر تقديم محتوى علمي بطريقة سلسلة تسهل فهم التغير المناخي وآثاره.
ومن أجل ضمان نجاح “حلقة الوصل”، لا بد من ضمان عدم انحياز مدققي/ات المعلومات لرأي علمي محدد في المادة أو المعلومات المنشورة. ويتطلب ذلك، طرح الآراء العلمية في القضايا البيئية بموضوعية وشفافية.
في المحصلة، تدقيق المعلومات المتعلقة بالمناخ والبيئة ليس سهلا، ويتطلب جهدا إضافيا من المدققين/ات، بالبحث عن أدق المعلومات وتقديمها للجمهور.
ومع تطور أدوات التحقق والتدقيق باستمرار، يمثل تدقيق المعلومات ورقة رابحة لنشر الوعي في مجتمعاتنا في قضية التغير المناخي، التي تحظى باهتمام متزايد على مستوى العالم. يؤكد ذلك الكاتب جيف تورنتين من موقع مجلس الدفاع عن الموارد الطبيعية: “كل كذب وتحريف ونظرية مؤامرة حول تغير المناخ تشكل عقبة أمام العمل المناخي الهادف، وهو جهد جماعي يتطلب اتفاقنا على مجموعة من الحقائق الأساسية”.
أنجز هذا المقال بدعم وإشراف الشبكة العربية لمدققي المعلومات (AFCN) من أريج، ضمن مشروع “صح” من برنامج “قريب” الذي تنفذه الوكالة الفرنسية للتنمية الإعلامية (CFI) وتموله الوكالة الفرنسية للتنمية (AFD).