Skip to content

تدقيق المعلومات ما بين المنهجية والأدوات

[:ar]

رند أبو صالح – منصة تيقَّن

لطالما اعتقدت أن  تدقيق المعلومات مسؤولية عظيمة، وجوهر أساسي في العمل الصحفي.

وعندما بدأت قبل عام ونصف رحلتي في تدقيق المعلومات بشكل مستقل تيقنت أن التدقيق لا ينفك أن يكون منهجية وأدوات في ذات الآن، حيث يُكمّل كُل منهما الآخر. إذ أن الأدوات جُزء لا يجب أن ينفصل عن المنهجية، كأن يكون للمدقق/ة خارطة طريق تُرشده للأدق، ويقتني المفاتيح الصحيحة يتمكن من خلالها فتح ما يصادفه من أبوابٍ في رحلته.

وكذلك يكون التدقيق المُتقن، فعندما يتبع المدقق/ة منهجية مُحكمة، سيرى من خلالها المادة التي يريد تدقيقها بوضوحٍ أكثر، ويستطيع بها تحديد أهم ما يريد تدقيقه ثم الأقل أهمية، ثم بعد ذلك يختار ما سيستعين به من أدوات ليصل من خلالها إلى المعلومة الأدق، وهكذا فإن المنهجية تصطحبه إلى أول خطوة في التدقيق، ثم تتولى الأدوات زمام الأمور. 

عملت مرة على تدقيق تحقيق استقصائي من السودان، البلد الذي لم أكن أعرف عنه الكثير، لكنني استندت في مهمتي على منهجية واضحة وذات خطوات تفصيلية وضعتها شبكة إعلاميون من أجل صحافة استقصائية عربية (أريج). كانت المنهجية بمثابة معلم أمسك بيدي وأرشدني خطوة بخطوة لتدقيق كل ما ورد في التحقيق بدقة وسلاسة عالية مما وفّر عليّ الكثير من الوقت والجهد خاصة وأنها كانت المرة الأولى لي في هذا المضمار. 

لذلك أعتقد أن أهم ما يحتاجه مدقق/ة المعلومات بدايةً هو منهجية واضحة، والأهم أن تكون خاضعة للتطوير المستمر بين حينٍ وآخر لتنسجم مع جميع أنواع المواد الصحفية ولتواكب التطوّر الحاصل في مجال الإعلام وما يطرأ عليه من تغيرات. 

بالطبع سيكون من المفيد لو تضمنت المنهجية أهم الأدوات التي تمكن المدقق من استخدامها لتحقيق الغاية من التدقيق، وبذلك تشمل المنهجية كُل ما يحتاجه المدقق لإنجاز المهمة.

على سبيل المثال، وخلال تدقيقي لاحقًا للعديد من التقارير والتحقيقات كنت أحتاج في أغلب الأحيان لأساليب البحث المعمق عبر محركات البحث للوصول إلى المعلومة الدقيقة التي أحتاج، خاصةً فيما يتعلق بالوثائق والقوانين والمسميات، بالإضافة إلى الصور والفيديوهات والرسوم البيانية.

ماذا يعني غياب المنهجية والأدوات؟

لربما يفتقر العمل الصحفي وعمل تدقيق المعلومات في العالم ككل، على منهجية تدقيقٍ واضحة ودقيقة ومحكمة ومتطورة، وهذا ما ينتج عنه السقطات الإعلامية التي تواجهنا ونشر المعلومات المُضللة وتداولها في الفضاء الإعلامي دون إدراك لحجم ما قد يتسبب به الأمر على اختلاف نوع المعلومة، خاصة في ظل التطور الحاصل في وسائل الإعلام والعالم الرقمي الذي ساهم في زيادة سرعة انتشار المعلومات. 

كما أن عدم وجود معرفة كافية بأدوات وتقنيات التدقيق ينجم عنه أيضًا نشر معلومات غير دقيقة يتمّ تداولها على أنها حقائق.

إضافةً إلى عدم وجود الوعي الكافي لدى المؤسسات الإعلاميّة حول ضرورة وجود دوائر مُخصصة لتدقيق المعلومات ما قبل النشر داخل المؤسسة بمنهجية مُتفق عليها وأدوات تحقق يتمّ اعتمادها داخل المؤسسة لتفادي نشر معلومات مضللة من خلالها.

لذلك أعتقد أن هناك حاجة مُلحة الآن في عالم الإعلام لوجود حملات توعوية يتمّ من خلالها عرض منهجية متطورة ومتميزة في تدقيق المعلومات، وطرح عدد من الأفكار لترشيح أعضاء من المؤسسات الإعلامية لتدريبهم على اتباع منهجيات التدقيق وتزويدهم بأهم الأدوات التي تساعدهم في الوصول إلى المعلومات الدقيقة.

أنجز هذا التقرير ضمن مشروع “صح” للشبكة العربية لمدققي المعلومات (AFCN) من أريج، بالتعاون مع منصة تيقن  كجزء من برنامج “قريب” الذي تنفذه الوكالة الفرنسيّة للتنمية الإعلامية (CFI) وتموله الوكالة الفرنسيّة للتنمية (AFD).

[:]