Skip to content

كيف تهدد المعلومات المغلوطة سلامة اللاجئين في لبنان؟

[:ar]

حسين الشريف – مهارات 

 

عادة ما تتحول النقاشات خلال فترة الانتخابات في لبنان إلى ساحة للصراع على جميع الأصعدة، لكن يبقى اللاجئون السوريون الحلقة الأضعف في أي نقاش خاصة في ظل انتشار واسع وكثيف لأخبار مغلوطة عن وضعهم. إذ يتحول الحديث عن العبء الأمني وتكلفة اللجوء على الاقتصاد الوطني وضرورة إعادتهم إلى سوريا إلى محور أساسي في تصريحات المرشحين ومادة أساسية لاستقطاب أصوات الناخبين. وهو ما شهدناه خلال الانتخابات اللبنانية الأخيرة وساهم في زيادة تأجيج مشاعر اللاجئين بالخوف ورفع من وتيرة خطاب الكراهية ضدهم.

تنطلق الأخبار المغلوطة غالبا من مصادر مجهولة في البداية، لكن المشكلة تكبر عندما يتداولها مسؤولون وشخصيات معروفة ما يمنحها مصداقية غير حقيقة. فعلى سبيل المثال، أثار تصريح المرشحّة ووزيرة الطاقة والمياه السابقة ندى بستاني عبر شاشة الـLBC “بأن النازحين السوريين وبحسب دراسة أجرتها الـ UNDP في الـ2014 يأخذون من درب اللبنانيين 5 ساعات كهرباء تقريبًا بالإضافة إلى أضرار مالية أخرى”.

لكن بعد تحقق فريق “مهارت نيوز” من الدراسة تبين أنها لا تتضمن هكذا أرقام.

لاحقاً، تكررت الأمثلة عن الأخبار المغلوطة خلال الانتخابات النيابية حول اللاجئين السوريين. إذ  نشرت صفحة سياسة 101 المقربة من التيار الوطني الحر، وفق ما تتبناه من شعارات وصور تظهر جليا على واجهة الصفحة، تقريرًا مصورًا، تتهم فيه القوات اللبنانية بتمسكها ببقاء اللاجئين السوريين في لبنان، لتحقيق أرباح مالية عبر التبرعات لجمعيات قواتية. لكن أيضا وبعد تحقق فريق “مهارات نيوز” من الموازنات العامة للدولة اللبنانية تبين عدم وجود هكذا أرقام للدعم.

بالطبع انعكست هذه الأخبار المغلوطة على وضع اللاجئين السوريين المتردي أصلا، حيث زادت من مخاوفهم الأمنية والشخصية خاصة وأن هذه المعلومات المغلوطة ساهمت في زيادة اتهامهم بدورهم في زعزعة الاستقرار الأمني قبيل الانتخابات أو التأثير على نزاهة الانتخابات عبر تصويت مجموعات من المجنسين السوريين في الانتخابات.

كما تسبب تداول هذه الأخبار في زيادة التحريض ضد اللاجئين، وانعكس بقرارات حكومية وبلدية قيدت حركة اللاجئين. على سبيل المثال، انتشرت تعاميم صادرة عن محافظة النبطية (جنوباً) وعددٍ من البلديات، لا سيّما في البقاع والجنوب، تمنع تجوّل اللاجئين السوريين منعاً باتاً، قبل يوم من الانتخابات وبعد يوم من انتهائها، وسط تفاوت في التوقيت بين بلدة وأخرى، مع وورود عبارة “إلا لحالات الضرورة”.

جمع فريق “فاكتوميتر” ضمن مؤسسة مهارات نيوز، وهو قسم للتحقق يهدف الى تزويد المواطنين بالمعلومات التي يحتاجونها لمراقبة مدى دقة المعلومات التي يوردها المسؤولون في تصريحاتهم ومدى التزامهم في تطبيق السياسات التي وعدوا بها، 37 شائعة حول اللاجئين انتشرت ما بين  نيسان/أبريل وأيار/مايو 2022 على منصات التواصل الاجتماعي: تويتر، فيسبوك وانستغرام وجميعها تركز على “عودة اللاجئين السوريين إلى بلدهم”، مع الإشارة الى المخاطر الناتجة عن إقامتهم المستمرة في لبنان وخاصة تأثيرهم على التوازنات الطائفية في البلاد.

بالطبع يعد نقص المعلومات الرسمية الدقيقة عن أزمة النزوح تحد كبير خلال عملية تدقيق المعلومات، حيث يعلن عن أرقام رسمية متضاربة. كما تتباين الأرقام بشكل كبير عند الحديث عن أعباء النزوح واللجوء على لبنان، وعن أرقام برامج العودة الطوعية، وعن الوضع القانوني للاجئين والنازحين. آخر هذه الأرقام المتضاربة ما صرح به  وزير الخارجية عبد الله بو حبيب خلال مؤتمر دعم مستقبل سوريا والمنطقة المنعقد في بروكسل، في 11 أيار/مايو 2022، حيث قال إن “النازحين السوريين المقيمين في لبنان يكلفون 3 مليارات دولار سنويًا لبلد الأرز المتأثر بالأزمة الاقتصادية”.

الرقم الذي صرح به الوزير مختلف عن بعض الأرقام التي صرح بها عدة مسؤولين لبنانيين في مناسبات سابقة، الأمر الذي دفعنا إلى البحث عن دراسات دولية تتسم في المصداقية كبيانات البنك الدولي وصندوق النقد الدولي. وهو حل يمكن استخدامه  في ظل غياب تطبيق فعال لقانون حق الوصول الى المعلومات الذي تمّ إقراره في العام 2017،  ويطبق منذ التاريخ المذكور بصورة محدودة للغاية.

يعد غياب الإحصائيات الرسمية تحديا كبيرا، لذلك يلجأ مدققو/ات المعلومات في لبنان غالبًا للمؤسسات الدولية والدراسات والبيانات الصادرة عنها، إضافة إلى تقديرات الخبراء ومقاطعة المصادر والتصريحات السابقة للمسؤولين للوصول إلى الحقائق المرتبطة بالنزوح واللجوء ومحاربة الشائعات والمعلومات المغلوطة حول اللاجئين.

بالطبع، يحتاج مدققو/ات المعلومات إلى تعزيز الوصول الى مخيمات اللجوء والنزوح في لبنان عبر خلق أقنية تواصل مع المسؤولين عن هذه المخيمات من اللاجئين “الشاويش”، للتأكد من بعض الشائعات التي يتم تداولها حول اللاجئين. ويلعب هذا التواصل دوراً مهماً في تفنيد بعض الشائعات خلال الأزمات كما حدث في فترة انتشار فيروس كوفيد-19. إذ انتشرت حينها شائعات عن عدم قدرة اللاجئين للوصول إلى اللقاحات المرتبطة بكوفيد-19، وعن إصابة معظم اللاجئين بالفيروس في الفترات الأولى من الجائحة.

قد تبدو هذه الخطوات زائدة وقد تطيل من مدة التحقق من المعلومات، لكنها بدون شك ضرورية ولازمة لحماية اللاجئين وإيقاف خطاب الكراهية وغيرها من أشكال العنف ضدهم وأيضا لحماية المجتمع المحلي من مغبة الانزلاق في معارك تقوض ﻣﺒﺎدئ اﻟﺴﻠﻢ اﻻﻫلي وتتسبب ﺑﺘﻔﻜﻚ المجتمع.

أنجز هذا التقرير ضمن مشروع “صح” للشبكة العربية لمدققي المعلومات (AFCN) من أريج، بالتعاون مع مؤسسة/مبادرة  مهارات نيوز ( فاكت-أو-ميتر)،  كجزء من برنامج “قريب” الذي تنفذه الوكالة الفرنسيّة للتنمية الإعلامية (CFI) وتموله الوكالة الفرنسيّة للتنمية (AFD).

[:]