[:ar]
انتشر عبر موقع بيروت 24 خبرًا مفاده أن القضاة والأساتذة والدبلوماسيين قد يعلنون الإضراب قبل يوم من إجراء الانتخابات المرتقبة في أيار المقبل. مما أثار موجة تساؤلات وجدل عن صحة هذا الخبر وما هي تداعيات هذا القرار في حال حدوثه.
فهل ما يشاع صحيح؟ وما دور هذه الفئات المذكورة في العملية الانتخابية؟ وما هي العواقب المترتبة من هذا القرار على مسار العملية الانتخابية؟
أشار موقع بيروت 24 في مقاله إلى أنه يتم تداول معلومات تفيد بأن القضاة الذين يتولون ضبط لجان القيد التي تشرف على الانتخابات وسلامتها، سيعلنون الامتناع عن القيام بالمهمة المنوطة بهم احتجاجًا على المخصصات المالية غير الكافية لمصاريفهم إبان فترة عملهم، والمقدرة بمليون ليرة لبنانية. وتلمّح هذه المعلومات إلى أن جهات سياسية نافذة تشجع هؤلاء على الاعتكاف بهدف فرض أمر واقع يؤدي إلى تأجيل الانتخابات.
وسبق أن انتشرت معلومات مؤكدة عن نية جزء أساسي من الطاقم الديبلوماسي في السفارات اللبنانية إعلان الإضراب قبل موعد اقتراع المغتربين المسجلين في الخارج، وذلك اعتراضًا على التأخير الذي يحصل في تأمين رواتبهم ومخصصاتهم بالعملات الصعبة.
وتسود بلبلة عن توجه قطاع الأساتذة والإدارات العامة إلى إعلان أيضًا الإضراب قبل موعد الانتخابات ورفع سقف مطالبهم بهدف تحقيق مطالبهم.
محورية دور القضاة في العملية الانتخابية
يلعب القضاء دورًا رئيسيًا ما قبل وما بعد العملية الانتخابية من حيث الإدارة والمراقبة وضبط اللجان وبحسب القانون الانتخابي، يتواجد القضاة كعنصر أساسي لا غنًى عنه في كل من هيئة الإشراف على الانتخابات ولجان القيد الابتدائية و لجان القيد العليا.
فوفق الفصل الثالث من قانون الانتخابات المعني بالأمور المتعلقة بالإشراف على العملية الانتخابية وبحسب المادة التاسعة والعاشرة، تمارس هيئة الإشراف على الانتخابات المؤلفة من قاضٍ عدلي، قاضٍ إداري، قاضٍ مالي، وكلهم متقاعدين من مناصبهم القضائية وذوي خبرة 20 سنة على الأقل إلى جانب عدد من النقباء والمختصين عملية الإشراف على الانتخابات وفقًا للمهام المحددة لها في القانون بصورة مستقلة وبالتنسيق مع وزير الداخلية والبلديات.
كما تتألف لجنة القيد الابتدائية من قاضٍ عدلي أو إداري عامل رئيسًا، إلى جانب أحد الرؤساء أو الأعضاء مجلس البلديات في الدائرة الانتخابية، وموظف أو أكثر من الأحوال الشخصية. ومن مهامها الأساسية يوم الاقتراع هو استلام صناديق الاقتراع فور إغلاق الأقلام والتدقيق في المحاضر والمستندات واتخاذ القرارات المناسبة بشأنها بالإضافة إلى فرز الأصوات وجمعها وتنظيم الجدول العام بالنتيجة التي نالتها كل لائحة وكل مشرح ورفعها إلى لجان القيد العليا المختصة، وذلك بحسب المادة 36 و37.
أما لجان القيد العليا المؤلفة من رئيس غرفة أو مستشار لدى محكمة التمييز أو رئيس غرفة استئنافية أو مستشار في مجلس شورى الدولة رئيسًا ومن قاضٍ عدلي وإداري عامل ومن مفتش من التفتيش المركزي عضوين ومن رئيس دائرة النفوس أو رئيس قسم أو موظف في المديرية العامة للأحوال الشخصية مقررًا، فهي آخر نقطة ضمن المسار الانتخابي ومن أهمها، إذ تستلم المحاضر من لجان القيد الابتدائية وتبلغ نتائج أعمالها إلى هيئة الإشراف على الانتخابات وفق المادتين 38 و39. وإن تعطيل أيًا من هذه اللجان والهيئات يضرب العملية الانتخابية في عرض الحائط ويشلها.
لا أساتذة، لا إداريين ولا دبلوماسيين … لا انتخابات
للأساتذة والإداريين دور أساسي يوم إجراء الانتخابات بحسب قانون الانتخابات، كون هيئات أقلام الاقتراع تتألف منهم بحسب المادة ٨٦ من القانون حول تعيين رئيس القلم والكاتب من الموظفين العامين وضمنهم أساتذة التعليم الرسمي وعليه فهم الوحيدون المناط بهم تسيير أقلام الاقتراع ومراقبة عملية الاقتراع ومساعدة الناخبين.
لا يقتصر عملهم فقط خلال العملية الانتخابية ولكن أيضًا، بعد انتهاء الانتخابات وتسكير صناديق الاقتراع، يقوم رئيس القلم بفتح الصناديق واحصاء الأوراق وفي حال نقص أو زاد عدد الأوراق عن الأسماء المسجلة على اللوائح، يشار إلى ذلك في المحضر.
ويفتح رئيس القلم كل ورقة على حدى ويقرأ بصوةٍ عالٍ اسم اللائحة التي تم الاقتراع لها من قبل الناخبين ومن ثم اسم المرشح الذي حصل على الأصوات التفضيلية في كل لائحة وذلك تحت رقابة الفعلية للمرشحين أو مندوبيهم والمراقبين المعتمدين في حال وجودهم.
أما في الخارج يلعب الدبلوماسيون الدور عينه الذي يؤديه الأساتذة والإداريين في الداخل وفق القانون الانتخابي، إذ يعين القنصل أو السفير بالتنسيق مع وزارة الخارجية والمغتربين هيئة كل قلم المؤلفة من رئيس وكاتب من العاملين في السفارة أو القنصلية أو من المتعاقدين على أن يكونوا لبنانيين، حيث يعين كل سفير هيئة القلم. وفق المادة 111 و117.
إذًا، عدم تواجد أي من الفئات المشرفة والعاملة والمراقبة المذكورة تطيّر الانتخابات بالتأكيد أو تؤجلها، مما قد يؤدي إلى فوضى وكارثة اجتماعية وراحة سياسية كبرى.
هل من عواقب قانونية عند التمنّع؟
يحق لكل مواطن وموظف الإضراب وهو حق مشروع يكرسه الدستور اللبناني ولكن يعاقب القانون وبشكلٍ واضح كل موظف يخل عن القيام بعمله العام بدون عذر، ويتخلّف يوم الانتخابات عن الالتحاق بقلمه، وفق المادة 86، إذ يقرّ صراحةً بعقوبة السجن لمدة شهر أو بدفع غرامة مالية قدرها مليون ليرة لبنانية. أما رئيس القلم يعاقب بالسجن لمدة تتراوح بين ثلاثة أشهر وثلاث سنوات أو بدفع غرامة تتراوح بين مليون إلى ثلاثة ملايين ليرة لبنانية.
وفي هذا الصدد أشار المحامي طوني مخايل أنه في حالة الإضراب أو العصيان الشامل عن الحضور لن تتمكن الدولة منطقيًا من سجن أو تغريم كل الموظفين على صعيد لبنان، وهنا تقع معضلة فرض الدولة لسلطتها وتأمين المصلحة العامة، والموازنة بين حقوق هؤلاء الموظفين ومصلحتهم التي ترتقي إلى حدٍ ما إلى تأمين المصلحة العامة الانتخابية.
وأشار في هذا السياق المدير العام التنفيذي لمؤسسة الجمعية اللبنانية من أجل ديمقراطية الانتخابات LADE علي سليم لـ”مهارات نيوز” أن الظروف المعيشية والغلاء السلة والمحروقات يدفع إلى النظر بهذه المطالب المحقة إذ إن هؤلاء الموظفين سيكونون مجبرين على التنقل إلى خارج مناطقهم مما دفعهم بالمطالبة إلى رفع أجورهم لتغطية نفقاتهم، لأن عدم معالجة هذه الأزمة وفي حال توجه هؤلاء الموظفين إلى التمسك بالإضراب ستتأجل أو تلغى بأسوأ تقدير العملية الانتخابية.
وأوضح أيضًا، الأمين العام لمؤسسة LADE روني الأسعد لـ”مهارات نيوز” أنه على السلطات المعنية التحرك سريعًا والاستماع إلى مطالب الموظفين لإيجاد حلول سريعة في أقرب وقتٍ ممكن لتفادي كارثة انتخابية لبنان بالغنى عنها.
إذًا ما يشاع حول توجه القضاة والأساتدة والإداريين والدبلوماسيين إلى إعلان الإضراب قبل يوم الانتخابات النيابية هو صحيح ويضع العملية الانتخابية في دائرة الخطر ويهدد بتأجيلها في حال عدم الاستماع إلى مطالبهم وتمسك هؤلاء بالإضراب وبالتالي تطيير الانتخابات.
أنجز هذا التقرير بإشراف ودعم الشبكة العربية لمدققي المعلومات (AFCN) من أريج وبالتعاون مع مؤسسة مهارات ، ضمن مشروع “صح” من برنامج “قريب” الذي تدعمه الوكالة الفرنسيّة للتنمية الإعلامية (CFI) بتمويل من الوكالة الفرنسيّة للتنمية (AFD).
[:]